حوس بلادك !

أمسيات رمضان في الجزائر.. ليالٍ تنبض بالحركة

94

 

 

بعد الإفطار، تستعيد المدن الجزائرية نبضها، حيث تفيض الشوارع بالحياة، وتمتلئ المقاهي بروادها، بينما تشهد الأسواق نشاطا لا يهدأ. في مشهد يتكرر كل رمضان، يتحول الليل إلى مساحة من الترفيه والتواصل الاجتماعي، حيث يحرص الجزائريون على استثمار أمسياتهم في مختلف الفضاءات، بين الجلسات العائلية، والسهرات الثقافية، والتجول في الأسواق الشعبية.

 

▫️ المقاهي.. ملتقى الأصدقاء بعد الإفطار

تمثل المقاهي الوجهة المفضلة للكثيرين بعد يوم من الصيام، حيث تكتظ بالأصدقاء الذين يجتمعون لتبادل الحديث ومتابعة المباريات أو لعب الورق. في الجزائر العاصمة، يقول عمر بن زيدان، صاحب مقهى في شارع ديدوش مراد: “خلال رمضان، يتضاعف عدد الزبائن بعد الإفطار، حيث يفضلون شرب القهوة والشاي وتناول الحلويات التقليدية أثناء مشاهدة مباريات كرة القدم أو الاستمتاع بجلسات السمر.”

 

في المدن الداخلية، مثل قسنطينة وسطيف، تحافظ المقاهي على طابعها التقليدي، حيث يلتقي كبار السن والشباب للعب الدومينو والورق وسط أجواء مفعمة بالأنس والضحك، فيما يتنافس البعض في جلسات الشطرنج التي تستمر حتى السحور.

 

▫️ الأسواق الليلية.. حركة لا تهدأ

تزداد حركة الأسواق في رمضان بشكل ملحوظ، إذ يقصدها الجزائريون بعد الإفطار للتبضع أو التجول وسط الأضواء المبهرة. في ساحة البريد المركزي بالعاصمة، يشهد السوق الليلي ازدحاما كبيرا، حيث تنتشر محلات بيع الملابس والأواني المنزلية، فيما يعرض الباعة المتجولون الحلوى الرمضانية والمشروبات التقليدية.

 

من جهته، يؤكد محمد ناصر، بائع في سوق سطيف الليلي، أن “الطلب يزداد بشكل لافت على الحلويات التقليدية مثل قلب اللوز والزلابية، بالإضافة إلى الملابس والأحذية، خصوصا مع اقتراب العيد.”

 

▫️ السهرات الرمضانية.. الفن والثقافة في قلب الليل

إلى جانب المقاهي والأسواق، تحتل السهرات الفنية والثقافية مكانة خاصة في أمسيات رمضان. في قسنطينة، تنظم سهرات الطرب الأندلسي والموسيقى الشعبية في دار الثقافة مالك حداد، حيث يحرص الجمهور على حضور عروض الفرق التراثية.

 

أما في تلمسان، فتتحول الزوايا إلى فضاءات روحية، حيث تقام حلقات الإنشاد الديني والتواشيح، فيما تشهد تيزي وزو حفلات للغناء القبائلي، تستقطب عشاق الفن الأصيل.

 

في السياق نفسه، يقول الباحث في الثقافة الجزائرية، الدكتور عبد القادر بوشريط: “السهرات الرمضانية في الجزائر هي امتداد لثقافة اجتماعية متوارثة، حيث يجمع رمضان العائلات والأصدقاء في أجواء تعكس الهوية الجزائرية بكل تفاصيلها.”

 

▫️ الرياضة الليلية.. تقليد رمضاني متجدد

لا تقتصر أنشطة ما بعد الإفطار على الترفيه والتسوق، بل تشمل الرياضة أيضا، حيث تشهد الملاعب الجوارية حراكا كبيرا. في العديد من المدن، تنطلق بعد التراويح دورات كرة القدم المصغرة التي يشارك فيها الشباب بحماس، فيما يفضل البعض ممارسة المشي في الكورنيشات والحدائق العامة.

 

▫️ من الليل إلى السحور.. أمسيات متواصلة

بين المقاهي والأسواق والسهرات، يمتد سهر الجزائريين حتى وقت السحور، حيث تختتم الليالي الرمضانية بمائدة خفيفة تضم اللبن والتمر والبوراك، قبل أن يعود الجميع إلى منازلهم استعدادا ليوم جديد من الصيام، حاملين معهم ذكريات أمسيات رمضانية لا تنسى.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Translate »
آخر الأخبار