أية مكانة تحتلها السياحة الدينية بين السياحات الأخرى؟!
تمتلك الجزائر مناطق طبيعية وسياحية خلابة، يصنف بعضها – كحديقة الطاسيلي المفتوحة بأقصى الجنوب الجزائري- كمعالم سياحية طبيعية، تدخل ضمن نطاق التراث العالمي، وفي الوقت نفسه تحتوي على العديد من الأماكن والمزارات الدينية التي تستقطب الآلاف من الزوار من مختلف الدول، وخاصة الإفريقية منها، فالزوايا والأضرحة المنتشرة للأولياء الصالحين، والعلماء والأقطاب الربانيين، المؤسسين لمختلف الطرق الصوفية المنتشرة في الكثير من الدول الإفريقية والمغاربية، تحضى باهتمام كبير من طرف مريدي هذه الطرق والمتأثرين بنهجها الروحي الرباني، ولكن بالرغم من المعالم السِّياحية الدينية التي تزخر بها الجزائر، تبقى السِّياحة الدينية فيها لا ترقى إلى مستوى المنافسة السِّياحية سواء على المستوى المغاربي أو حتى العربي والإفريقي، لأن الاهتمام بقطاع السِّياحة الدينية لا يوليه المسئولون عن قطاع السِّياحة الاهتمام اللازم، في ظلِّ غياب الهياكل القاعدية والبنى التحتية، من فنادق مخصصة لاستقبال الوفود السِّياحية الدينية، أو نقص وسائل النقل، المخصصة لنقل السُّياح إلى تلك الأماكن والمزارات الدينية، بالأخص وأن الكثير منها تقع خارج المدن الكبرى وفي أماكن نائية.
فالسِّياحة الدينية، يمكن أن تكون رافداً اقتصادياً مهماً، إن توفرت هناك الإمكانيات والميكانيزمات اللازمة، بالإضافة إلى الإرادة السِّياسية، لإحداث التغير المنشود في هيكلية الاقتصاد الوطني، والخروج من دائرة التبعية لقطاع المحروقات، فقد حان الوقت – كما يؤكد على ذلك الكثير من خبراء الاقتصاد الوطني – للتفكير في بدائل أخرى لتنويع مصادر الدخل، وبالطبع تعتبر السِّياحة الدينية من أهم الحلول الممكنة والمتوفرة لذلك، ولا تحتاج البلاد إلاَّ إلى مخطط وطني وإستراتيجية سياحية يقوم على إعدادها مختصون وخبراء بالقطاع، من أجل استغلال تلك الأماكن والمزارات الدينية المهملة في معظمها، لتحول الجزائر إلى وجهة سياحية مهمة في منطقة شمال إفريقيا.
وبالإضافة إلى المزارات الدينية الإسلامية في الجزائر، فإن هناك العديد من الكنائس التاريخية، الموجودة فيها منذ الحقبة الاستعمارية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كنيسة السيِّدة الإفريقية بالعاصمة، والتي تم تدشينها سنة 1872م، وهي خاصة بالطائفة المسيحية الكاثوليكية، بالإضافة إلى كنيسة القديس أوغسطين بمدينة عنابة، والتي تم بناؤها في الفترة الممتدة من 1881-1900م، وتطل على الواجهة البحرية لميناء عنابة، فالتنوع الحضاري والتمازج الديني والثقافي الموجود في الجزائر، يعطي السائح الأجنبي فرصة لزيارة العديد من المعالم السِّياحية الدينية الخلابة، التي يجمع بعضها بين الفن الإسلامي الراقي في فن العمارة، وبين الفن البيزنطي والمغاربي، وهو شيء ربما يكون استثنائياً، وقلما نشاهده في الدول المجاورة الأخرى، فالدولة الجزائرية مدعوة أكثر من أي وقت مضى، إلى استغلال تلك الأماكن السِّياحية والترويج لها على نطاق واسع، والتسويق لها في مختلف المؤتمرات الدولية، و المنتديات العربية والإقليمية الخاصة بترقية وتطوير قطاع السِّياحة وخاصة الدينية منها، إن كانت جادة فعلاً في مسعاها لإيجاد حلول ناجعة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرفها البلاد حالياً.