“البوقالات”.. تقليد رمضاني جزائري يجمع النساء في سهرات تراثية
النساء الجزائريات ليالي رمضان بطقس تراثي فريد يعرف بـ”البوقالات”، حيث يجتمعن بعد الإفطار في أجواء مفعمة بالبهجة والتشويق، لتبادل أبيات شعرية وأمثال شعبية تحمل في طياتها رسائل تفاؤل وأمل، وسط أجواء من الحماس والمرح.
▫️ما هي “البوقالات”؟
البوقالة عبارة عن مقطوعات شعرية قصيرة، ذات طابع رمزي وغالبا ما تكون مجهولة المؤلف، يتناقلها الجزائريون شفهيا منذ قرون. تتميز هذه العادة بكونها نوعا من التنبؤ بالمستقبل أو التفاؤل بالأحداث القادمة، حيث يطلب من النساء إبداء نواياهن سرا، ثم يسحب لهن بوقالة يقال إنها تحمل بشرى أو رسالة خاصة بهن.
▫️طقوس البوقالات في الليالي الرمضانية
مع اقتراب منتصف الليل، تتجمع النساء في الفناء أو إحدى الغرف الواسعة، حيث تحضر “القلة” أو “البرمة” المملوءة بالماء، وتضع كل مشاركة قطعة صغيرة من مجوهراتها داخلها. ثم تبدأ كبيرة المجلس بإلقاء بوقالة، وهي عبارة عن بيت شعري أو حكمة، وبعدها تسحب قطعة من المجوهرات عشوائيا، ويقال إن البوقالة التي سبقت بسحبها تخص صاحبتها، وكأنها رسالة غامضة لمستقبلها.
▫️مزيج بين الطرافة والتشويق
تتنوع البوقالات بين الرومانسية، والحكم، والأمثال الشعبية، وأحيانا الفكاهية، مما يجعل الجلسات ممتعة ومليئة بالمواقف الطريفة. ومن أشهر البوقالات:
“يا العصفور قول للحبيب يلقاني… في واد الورد مستناني… لا قربي لا بعد عليا… لا قلي كلمة تفرحني لا قلي كلمة تبكيني…”
▫️تراث شفوي يقاوم الزمن
رغم الحداثة، لا تزال “البوقالات” حاضرة في بعض المناطق، خاصة في ليالي رمضان، حيث تحافظ العائلات على هذه العادة التي تعكس أصالة التراث الشعبي الجزائري، وتمثل جزءا من الهوية الثقافية للمرأة الجزائرية.
بين الطرافة والتفاؤل، تظل “البوقالات” تقليدا رمضانيا ساحرا، يجمع بين الشعر، الحكمة، والتواصل الاجتماعي، ليحمل في طياته رائحة الزمن الجميل.