الجازية الهلالية… عندما يجتمع العقل والجمال
الجازية الهلالية أهم شخصية أنثوية في سيرة بني هلال، فقد لعبت دور الموجه الحكيم والمحفز في تغريبتهم، التي بدأت لأسباب طبيعية ومذهبية دينية من صحراء نجد إلى شمال إفريقيا. واستمدت أهميتها من مركزها الإجتماعي فهي إبنة كبير بني هلال السلطان سرحان، والأميرة شمَّا، وعاشت في القرن الرابع الهجري الموفق للقرنين
واسمها الحقيقي (نور بارق)، وكنيت بالجازية لطول شعرها، وكان أبوها أغنى قومه مالا وأرفعهم نسبا، وقد اعطاها ثلث المشورة في قومها، بعد مساهمتها في رجوع ابن عمها أبو زيد الهلالي فارس قومه وأمه إليهم، وبعد وفاة والدها أصبحت أخت سلطان الهلاليين بعد توحد قبائلهم تحت راية واحدة (السلطان حسن بن سرحان أبو على)، واشتهرت الجازية بجمال فتان وساحر لم يرى له مثيل في جزيرة العرب، وبقوة الشخصية والحضور، ومازادها رفعة سداد رأيها حيث كان لها ثلث المشورة في مجلس قومها في الحرب والسلم، كما تميزت ببلاغة القول والفصاحة فكانت شاعرة تقول فتوجز وتصيب وتقنع، ومازادها مكانة في قومها وفاؤها لهم، إضافة لفروسيتها فقد شاركت والدها وأخوها سرحان في معارك القتال.
وقد تزوجت الجازية بشكر أبو الفتح ابن هاشم شريف مكة الحسن، خدمة لأهلها ومصالحهم، فكانت معينا لأهلها عنده، فهي عينهم على الاخبار ويدهم التي يصلون بها لمطلبهم عنده، وعذرهم الذي يضعونه بين يديه ليعطيهم خاصة في سنوات القحط، وذلك رغم أختلافهم معه وجفائهم له.
وقد أختلف في عدد أولادها منه حيث يذكر انها أنجبت منه ولدا واحدا اسمه محمد، وقيل ولدين (محمد وحامد) وقيل ولد وبنت (محمد وحمدة)، . وعندما طلب اهلها مرافقتها لحاجتهم رأيها ومشورتها وقدرتها على بث الحماس فيهم، تخلت عن زوجها الذي أحبته، وعن رغد العيش معه، وتركت ابنائها وأختارت قومها إلتزاما بالواجب اتجاههم طواعية لتلتحق بهم في رحلتهم إلى تونس.
وقد واجهتهم خطوب واهوال عدة كانت الجازية فيها نعم المعين برأيها، وبمؤازرتها لرجال قومها، في حروبهم وفي سلمهم، في حلهم وترحالهم، ولكن إقتتل قومها فقتل إبن عمها ذياب بن غانم أخوها سرحان وقتل فارس قومها وإبن عمها أبو زيد الهلالي، فقررت الإنتقام رفقة أبنائهم الذين ربتهم على الثأر لآبائهم، وقد قتلها ذياب وهي متنكرة في زي رجل في معركة في منطقة تسمى بإسمها (الجازية) اليوم بولاية ام البواقي.
وتبقى الجازية الهلالية من أشهر نساء العرب، ذاع صيتها وانتشرت سيرتها، رغم ما فيها من مبالغات وزيادات، لكنها مازلت تثير الكثير من التساؤلات.
د. أمال عزري