الخرزة الزرقاء.. خرافة حولتها اليونيسكو لحقيقة…
إن إعتقاد الإنسان بوجود قوى شريرة يخافها ويخشى أذاها، كالأرواح الشريرة والعين والحسد…إلخ، جعله يلجأ إلى الكثير من الممارسات والقلائد والتمائم لمواجهتها والحماية منها، وتشترك كل شعوب العالم تقريبا في هذه المعتقدات، رغم إختلاف مسمياتها وطقوسها، وتعد الخرزة الزرقاء التي تشبه العين من أشهر هذه المعتقدات، فهي تميمة للحماية ويعتقد أنها تبطل سحر قوى الشر الخفية، وتظهر بشكل عين مرسومة على خرزة كروية أو مفلطحة، وزرقاء اللون غالباً، وتتخذ كتميمة، تعلق او تحمل او توضع في المنزل.. إلخ. وتقول بعض الروايات إن أصل الخرزة يرجع إلى القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية، وقد احتلت أراضيهم من طرف الهكسوس، ويكشف الباحث «سيريل ألدريد» في كتابه «مجوهرات الفراعنة»، أن الحلي التي كانت تُستخدم لتزيين الرقبة أو العنق تطورت عن شكل بدائي، فمن التعويذة التي كانت تتدلى من خيط أو رباط يحيط بالعنق، والتي استخدمها الإنسان البدائي ليقي نفسه من القوى الخفية الموجودة في الطبيعة، والتي كان يعتقد أنها ترسل عليه الأعاصير والفيضانات والبراكين والزلازل، وتصيبه بالأمراض كان الخرز الأزرق هو أكثرها شيوعاً، واختار الفراعنة اللون الأزرق لارتباطه بزرقة السماء، التي تسبح فيها الشمس (رمز الإله رع عند المصريين القدماء)، وتعيش فيها جميع آلهتهم، كما يرمز لونها الأزرق للماء العذب مصدر الحياة حسب بعض الباحثين، ولا ننسى أن 75% من الأرض هي ماء،
كما ذكر بعض الأنثروبولوجيون أن العين الزرقاء المرسومة في كف اليد استخدمتها شعوب جنوب المتوسط، الذين يتسمون بالعيون الداكنة، وتمثل أعين الرومان وسكان الشمال الذين استعمروا بلدانهم في حقبة من التاريخ، وهو تعبير صريح على رفضهم للمستعمر، وفيما بعد أصبحت رمزاً للحماية من كل شر، وقد تأخذ شكل الكف وتسمى “الخمسة” أو “يد فاطمة” أو “يد مريم”، وهي تعكس الشر ليعود على حامله بواسطة اللون الأزرق، ويرى الميثولوجيون أنها ترمز لعين محدقة في الكون، تقوم بتحصين حاملها وحمايته من المخاطر. وتنتشر خاصة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، هذه الأخيرة التي تعتبرها رمزا من رموزها الثقافية، فلا يعقل أن تزور تركيا ولا تشتري خرزة زرقاء كتذكار، وهي تسمى باللغة التركية «Nazar Boncuk»، ولشدة ولع الأتراك بها سعوا لاعطائها طابعا انسانيا، وتمكنوا من ذلك عام 2014، حيث أدرجت في قائمة القيم الثقافية والتراثية لليونسكو.
د. أمال عزري