“العيدية” في الجزائر عادة متجددة بتغير الأزمنة.. تنعش جيوب الأطفال وتكرس قيم العطاء
ترافق العيدية صباحات العيد في الجزائر، حيث يحرص الكبار على تقديم مبالغ مالية للأطفال، في مشهد يختزل قيم المحبة والتكافل الاجتماعي. يمد الأجداد والآباء أيديهم بورقات نقدية جديدة، فتلمع عيون الصغار فرحا، ويملأ ضحكهم أجواء البيوت والشوارع، مؤكدين أن هذه العادة ليست مجرد مبلغ مالي، بل طقس اجتماعي يرسخ مشاعر البهجة والود بين الأجيال.
▫️تتجذر العيدية في التقاليد الجزائرية
تعد العيدية من العادات الراسخة في المجتمع الجزائري، حيث تعود جذورها إلى قرون مضت، حينما كان الأطفال يتلقون نقودا معدنية من الأجداد والآباء يوم العيد. لم تكن قيمتها المالية هي الأهم، بل رمزيتها التي تعكس فرحة العيد وتجسد مبادئ العطاء والتواصل العائلي.
في بعض المناطق، كانت العيدية تقدم حتى للشباب غير المتزوجين، كما كان الخدم يتلقونها في بعض البيوت التقليدية كتعبير عن الامتنان. ولم تقتصر على النقود، بل تنوعت في بعض المناطق الريفية إلى هدايا عينية أو حلوى تقليدية، ما منحها بعدا أوسع من مجرد منح المال.
▫️تواكب التحولات الاقتصادية والتكنولوجية
لم تسلم العيدية من تأثيرات التحولات الاقتصادية، فبينما كانت الدينار الواحد كافيا لإدخال السرور على قلب الطفل قبل عقود، باتت قيمتها اليوم تتراوح بين 200 و2000 دينار جزائري، حسب القدرة المالية للمانحين.
كما فرض التطور التكنولوجي نفسه على هذه العادة، حيث بدأ البعض في إرسال العيدية عبر التطبيقات البنكية أو التحويلات الإلكترونية، خصوصا للعائلات التي يبعد أفرادها عن بعضهم البعض. ومع ذلك، لا يزال تسلم العيدية باليد أكثر اللحظات انتظارا من قبل الصغار، لما تحمله من دلالات عاطفية تفوق قيمتها المادية.
▫️تأثير نفسي واقتصادي… وفرحة لا تخبو
لا تقتصر العيدية على كونها مبلغا ماليا، وإنما تلعب دورا في تشكيل وعي الأطفال بقيمة المال، إذ تمنحهم فرصة التصرف به حسب رغباتهم، سواء بإنفاقه على الألعاب والحلوى أو بادخاره لأشياء أكبر. كما تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد خلال العيد، حيث يزداد الإقبال على متاجر الألعاب والحلويات، ما يجعلها جزءًا من دورة اقتصادية صغيرة داخل المجتمع.
▫️العيدية… عادة تقاوم الزمن وتحافظ على بهجة العيد
رغم تغير العصور وتبدل الأساليب، تبقى العيدية جزءًا لا يتجزأ من طقوس العيد في الجزائر، تعيد رسم الابتسامة على وجوه الأطفال وتؤكد استمرار العادات الجميلة في المجتمع. وبينما تتفاوت قيمتها من عائلة لأخرى، يبقى المغزى واحدا: إسعاد الصغار وتكريس روح العطاء والتواصل بين الأجيال، في مشهد يعكس الدفء العائلي الذي يميز الأعياد في الجزائر.