المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، طراز هندسي إيطالي
من أشهر المسارح الجهوية في الجزائر المسرح الجهوي لسيدي بلعباس الذي يتوسط المدينة بساحة أول نوفمبر 1954م، ويعتبر من أقدم المنشآت بالولاية، الأمر الذي جعله يُصنف مسرحا جهويا، بمقتضى مرسوم رقم 73/74 بتاريخ 1973/04/16م.
قدمت بلدية سيدي بلعباس الموافقة على إنجازه سنة 1932م، وتم افتتاحه في 5 ديسمبر 1936م، من قبل عمدة المدينة “ليسيان بيلات”، وتم افتتاح السهرة الأولى باوركسترا الفيلق لمدينة مرسيليا، وخلال سنوات ما بعد الاستقلال “1960م و1970م”، قام بتسيير المسرح الراحل “لخضر صائم”، والذي أعطى ديناميكية لمسرح الهواة الذي نشطه شباب منتسبون إلى الفرق المسرحية من طلاب الجامعات والثانويات والمدارس، ليتداول بعدها على تسييره العديد من الوجوه الفنية على غرار “كاتب ياسين” الذي عين مديرا له سنة 1978م لمدة 12 سنة، كما تقلد “أحمد بن عيسى” منصب مدير سنة 1995م، وبعده “عسوس أحسن” وغيرهم من الوجوه الفنية الجزائرية، الذين يعود الفضل لهم في تكوين فرق مسرحية شابة أصبحت من المحترفين، وشاركت في العديد من التظاهرات الفنية الوطنية وحتى الدولية ونالت جوائز قيمة في الإخراج، السينوغرافيا، التمثيل، الموسيقى والنص.
قام ببناء هذا الهيكل الثقافي المهندس المعماري “تشارلز مونتالاند”، والذي اختاره بنمط مسرح باريس الكبير وبطراز هندسي إيطالي.
وصمّم “تشارلز مونتالاند” هذا النموذج، وتكفل الرسام “أوغسطين فيراندو” بتنفيذ العمل بإنجاز اللوحة الجدارية الاستعادية الكبيرة على الواجهة باستعمال الفسيفساء، معتمدا في الديكور على “ميلبومين وثاليا” وهي شخصية رمزية ولدت في اليونان وتمثل المأساة والكوميديا، بدأ العمل في 29 سبتمبر 1934 وفي ذلك الوقت، بلغ إجمالي الغلاف المالي للمشروع حوالي 651930 فرنكًا.
يرتفع المسرح الجهوي أكثر من 25 متر، وواجهته بـ 43 متر، ويحتوي على قاعة عروض وشرفتين، كما يستوعب 618 مقعد لاستقبال جميع شرائح المجتمع، وتوجد عند المدخل من كل جانب قاعة ثانوية تؤدي إلى الطوابق العليا بواسطة سلالم واسعة مصنوعة من الرخام والفسيفساء، ومقهى يلتقي فيها الفنانون للاستراحة بعد العروض أو لتنشيط المحاضرات، وكذلك قاعة للتدريب.
سنة 2008م تمت إعادة تهيئته وترميمه من طرف وزارة الثقافة.
من مهام المسرح الجهوي تطوير وتثمين الموروث الثقافي الوطني، فهو جسر للتواصل بين المسرحيين من مختلف ولايات الوطن في جميع مجالات المسرح المختلفة، لاسيّما والمسرح الجهوي لسيدي بلعباس لم يتوقف عن النشاط خلال جائحة كورونا، بل كانت العديد من العروض تبث عن طريق البرنامج الافتراضي على صفحته الرسمية.
صنّف المسرح الجهوي لسيدي بلعباس مؤخرا معلما أثريا ضمن القائمة الوطنية للممتلكات الثقافية، وقد سجلت وزارة الثقافة والفنون عملية ترميمه وإعادة الاعتبار له، مع تخصيص غلاف ماليّ معتبر، على أن تنطلق الاشغال به سنة 2023.
خديجة ڨيرة