من العبارات المشهورة في وسط البلاد العاصمة وما جاورها للتعبير عن القصد السيئ لأحدهم اتجاهك وأنه يظهر عكس ما يبطن، وأن أعذاره إن وجدت واهية، عبارة “داركي زكارة”.
وتستخدم في صياغات عدة وبمعاني مختلفة، منها “دارلي الزكارة أو دارهالي زكارة”( بالعامية)، تقال في حالة قيام أحدهم بفعل سيء اتجاهك عن قصد مع إنكاره لهذا القصد، أي قيامه به لم يكن عن خطأ بل متعمدا.
وفي سياق أخر نجدها زكارة فيك بمعنى أنا اقصد من خلال فعلي هذا إغاظتك أو الانتقاص من قدرك أو الإجحاف في حقك، وفي حقيقة الأمر إن الاستخدام اليومي للعبارة منذ مدة بعيدة جدا أضفى عليها معنى لم استطع التعبير عنه، ولم أجد ما يترجمه بدقة في اللغة الفصحى.
أما عن أصل كلمة زكارة هي سكارة بالسين بدل الزاي، والسكارة معناها قفل صغير في الجهة العلوية من الباب، نقفل به فتحا يستعمل لرؤية الطارق، وهي نوعان ذات الحجم الصغير تستخدم في البيوت، أما في القصور فتكون كبيرة الحجم على شكل نافذة صغيرة في الباب، يستطيع من خلالها الحارس أن يرى الوافد على القصر فيختار أن يفتح الباب أو لا، وقد استخدمت في الجزائر في العهد العثماني في قصور بايات الجزائر وحكامها مابين (1515- 1832)، حيث كان السكان أو الزوار يقدمون على مقابلة الحكام وولي الأمر في هذه القصور والبلاطات لقضاء حاجاتهم المختلفة فيقوم الحرس بفتح السكارة لرؤية القادم.
فقد ينظر الحارس من بعد أن يفتح السكارة من النافذة الصغيرة للباب ليرى القادم، إن كان من ذوي الشأن والنفوذ فتح له الباب مباشرة فيدخل ويقضي حاجته، وإن كان مواطنا بسيطا أغلق السكارة ولم يعره اهتماما، أو تركه ينتظر لمدة.
وكانت في البداية تستخدم عبارة دارلي سكارة للدلالة على حال الواقع، أي أنه أغلق سكارة الباب في وجهي ولم يفتح ولم يعطيني جوابا، ولا تحمل أي معنى سلبي آخر أو شحنة عاطفية سلبية اتجاه الفعل، ومع تكرار تعرض الزوار خاصة من البسطاء والناس العاديين للتجاهل من قبل الحراس والإجحاف في حقهم، أصبحت رمزا للمعاملة السيئة، فعند عودة الزائر لأهله أو رفاقه في السوق، هل دخلت وقضيت حاجتك؟ أو حتى المارة إن سألوه عن سبب طول وقوفه بالباب، يجيب “دارلي السكارة”
ومع الوقت والاستخدام اليومي لها تحولت السكارة إلى زكارة، وانتقلت من التعبير عن قفل نافذة بالباب لتستخدم بمعنى القصد السيئ أو الإجحاف في حق الناس أو الانتقاص منهم.
أمال عزري
