حوس بلادك !

جامع القرويين بالمغرب دراسة تاريخية وفنية ومعمارية وثقافية

86

يعود الفضل في بناء جامع القرويين إلى فاطمة الفهرية الملقبة بأم البنين سنة 859 م من ذرية عقبة بن نافع الفهري القرشي فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان، وهي شخصية تاريخية خالدة في ذاكرة مدينة القيروان في تونس ومدينة فاس في المغرب، فبعدما هاجرت مع أختها وأبيهما الفقيه القيرواني محمد بن عبد الله الفهري التاجر الثري ذي الأصل الحجازي الى مدينة فاس، عقب مغادرتهم مدينة القيروان إثر القلاقل التي عرفتها بين عام 818 وعام 826 ميلادي، قررت هي وأختها مريم تسخير الثروة التي خلفها والدهما بعد وفاته في أعمال الخير، فقامت مريم ببناء مسجد في الأندلس، وشيدت فاطمة جامع القرويين وقامت بوقف ثروتها عليه من أجل ضمان استمرار مهمته وصيانته، وتروي بعض المصادر التاريخية أنها صامت طوال فترة بناء الجامع، وقد بدأ العمل في بناء الجامع في 30 يونيو من عام 859 ميلادي، كان يقتصر في بداية الأمر على إقامة الصلاة، ومع مرور الوقت ضم حلقات الدروس،
وفي سنة 985م بنى المنصور بن أبي عامر القبة الموجودة في مدخل البلاطة المحورية خلال إحدى حملاته الناجحة إلى فاس، كما زود ابنه المسجد بمنبر وبنى بها صهريجا لم يبق له أثر، قرنا بعد ذلك جعله المرابطون من القرويين أكبر جامع بالمغرب، ففضاؤه أصبح ضيقا على المصليين، لذلك تم تهديم المنازل المجاورة كما هدمت البلاطة المحورية وحائط القبلة، وهكذا زيدت ثلاث بلاطات جهة القبلة ووسعت البلاطة الوسطى كما تم رفعها بالمقارنة مع مثيلاثها كما هو الشأن في جامع القيروان وقرطبة، وزينت بأجمل القبب التي تفضي إلى محراب جميل. كما زودت المعلمة بمنبر يشبه منبر جامع الكتبية، وتدل الزخارف على تأثيرات متبادلة بين الغرب والشرق الإسلاميين، ويتميز الجامع ببلاطاته الموازية لحائط القبلة كما هو الشأن بالنسبة لمعاصرتها جامع الأندلس، وبذلك فشكلها مستلهم من الجوامع الكبرى بالمشرق وخاصة جامع الأمويين بدمشق، ويمكن 17 بابا من الدخول إلى البناية وملحقاتها، وفضلا عن دار الوضوء والمخازن قام الموحدون بإذابة الثريا القديمة وصناعة ثريا البلاطة الوسطى، أما المرينيون فقد هيئوا غرفة الموقت قرب الصومعة وزودوها بآلات لضبط مواقيت الصلات وأهمها الساعة المائية التي اخترعها ابن الحباك سنة 1286م، وعوضوا محراب الصحن ورمموا الرواق الشمالي وزودوا المسجد بثريا من البرونز، وفي سنة 1350م أمر السلطان أبوعنان فارس ببناء خزانة القرويين، وقد زين السعديون صحن الجامع بجناحين متقابلين أستلهما من مثيليهما بساحة الأسود بقصر الحمراء بغرناطة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Translate »
آخر الأخبار