حوس بلادك !

حرفة الدباغة … جزء من الهوية الجزائرية التراثية في مواجهة الاندثار

51

تمتاز الصناعات التقليدية في الجزائر بثراتها و بساطتها، و لعل أكثر الأسباب التي زادتها أهمية هي محاكاتها لحياة الفرد الجزائري البسيط التي تتميز بالأصالة والرقي، مثلها مثل سائر الصناعات التقليدية، ومن بين هذه الصناعات صناعة الدباغ التي تمثل جزءا من الهوية الوطنية الجزائرية والثراث الحضاري والثقافي، كما تعد صناعة شعبية و حرفة تقليدية قديمة قدم الإنسان، وهي عملية تحويل جلود بعض الحيوانات بعد سلخها إلى منتج وأدوات للاستفادة منها في الحياة  اليومية كحافظات الماء والأحدية والحقائب والأحزمة وغيرها، كما يتم الاعتماد على جلد الإنسان الذي يستخدم في إنتاج الحبر، وأدوات المدبغة بسيطة للغاية فهي الجلود أولا ثم الماء ومسحوق شجرة القرض و الملح وعصير نبات شجرة العشر و عدد من الجرار الخزفية الكبيرة، وكخطوة أولى يتم التخلص من بقايا قطع اللحم والشحوم والدماء العالقة بالجلد وذلك بغمره في ماء مالح وسائل أبيض لنبات العشر، وبعد أيام تنقل الجلود إلى محلول آخر من الماء و مادة القرض ويتم جلبها من أعالي وادي دوعن من السيطان ومنطقة العقوبية، وتبقى الجلود لفترة أربعة أيام في هذا المحلول مع تقليبها و دعسها بالأرجل لمدة ربع ساعة يوميا و تسمى هذه العملية بالنفس الأولى ، أما النفس الثانية فتتم بعد أن يتخلص الصانع مما تبقى من الشحوم و آثار القرض، بغمر الجلود مرة ثانية في محلول الماء و القرض و لكن هذه المرة لمدة أسبوع و تزاد كمية القرض كي يغلظ الجلد و يزداد سمكه، بعد أن يخرج الجلد من هذه المرحلة يأخذه الصانع و قد أصبح لونه طبيعيا فتتم عملية الخياطة أو الخرز و هي من أصعب المراحل، فلابد أن تكون محكمة للغاية حتى لا يتسرب من خلالها الماء ثم  يدهنه ظاهرا و باطنا بالدهن العادي و يعرضه للشمس يوما أو يومين ثم يعرض للبيع في السوق، وقد عرفت هده الحرفة قفزة هائلة مع بداية القرن العشرين في البلدان المتقدمة، وأصبحت تمثل جزا مهما من العائدات الاقتصادية، ليتم بعد ذلك الاعتماد على الجلود الاصطناعية ومن ثم فتح العديد من المصانع المختصة في هده الصناعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Translate »
آخر الأخبار