حكاية المثل الشعبي (بحر وكاف شكارة) ووادي الرمال
تعتبر الأمثال الشعبية خزان التجربة الإنسانية التي يعيشها مجتمع ما، في منطقة معينة، حيث يختصر تفاصيل وأحداث كثيرة في عبارات مقتضبة، سواء كانت هذه التجارب جميلة او سيئة.
ومن الأمثال الشعبية الجزائرية التي تنقل تجربة إنسانية حزينة، والمنتشرة خاصة بين كبار السن المثل القائل ( بحر وكاف شكارة)، وهو عبارة تستخدم لتمني الشر أو الدعاء بالشر على شخص ما…
وينتشر هذا المثل في شرق البلاد، من الجنوب إلى الشمال، وهي منطقة بايلك الشرق، التي كانت عاصمتها قسنطينة.
ومن قسنطينة الباي بدأت الحكاية الحزينة، فكما هو منتشر في أعراف الدول فقد فرض الحكام العثمانيون قانونا صارما وعقوبات لكل من يخالفه، ومن أقصى العقوبات في ذلك الوقت الإعدام، لكن طريقة تنفيذ حكم الإعدام في قسنطينة العثمانية كانت غريبة ومستوحاة من طبيعتها الوعرة، حيث يحضر الشخص المحكوم عليه بالإعدام أمام الملأ، ويقوم القيمون على تنفيذ الحكم بوضعه في كيس من الخيش أمام الملأ مكبل الأيدي والأرجل، مع إضافة حجر ثقيل معه في داخل الكيس ( لضمان غرقه)، ثم يرمى من أعلى الجرف الصخري لوادي الرمال في فصل الشتاء عندما يكون منسوب مياهه مرتفعا.
وقد سمي الجرف ( كاف) وفقا للهجة الشعبية الجزائرية، أما الوادي فيمثل في المخيال الشعبي (البحر).
ومما ورد أن أكثر الحالات التي طبق فيها هذا الحكم هو حالات رفض دفع الإتاوات والجبايات للخزينة، من طرف رؤساء القبائل والعروش التابعة للبايلك أو القياد الذين يقومون بالسرقة أو الاختلاسات منها بعد جمعها ( ونشير إلى أن نظام القايد كان موجودا منذ العهد العثماني، وقامت فرنسا بإعادة ترسيمه لإحكام سيطرتها في المناطق أكثر) … إلخ، فهذه من الأخطاء التي قد توصل الشخص للموت وفقا للمثل (بحر وكاف شكارة) سرقة مال الضرائب، أو الامتناع عن جمعها…
انتهى تطبيق هذه الطريقة في الإعدام، ولكن المثل الشعبي المخلد للحظتها الحزينة بقي متوارثا بين الأجيال.
أمال عزري