رمضان في المدن التاريخية الجزائرية: كيف يبدو في القصبة وقسنطينة؟
يضيء رمضان ليالي القصبة وقسنطينة بألق خاص، حيث يمتزج عبق التاريخ بأجواء روحانية تفيض بالنقاء. بين أزقة ضيقة وبيوت عتيقة، يحيا سكان المدينتين أجواء الشهر الفضيل بعادات تمتد لقرون، في مشهد يعكس أصالة التقاليد الجزائرية في أعرق مدنها.
▫️القصبة.. رمضان بطعم الزمن العثماني
في العاصمة الجزائر، تبدو القصبة كأنها تعود إلى قرون خلت، حيث تبقى ملامحها العمرانية شاهدة على مجد تاريخي طويل. مع اقتراب المغرب، تنبعث روائح الحساء والكسرة من البيوت العتيقة، بينما يتجمع الأطفال في الأزقة، يترقبون لحظة الإفطار وسط أهازيج رمضانية موروثة.
داخل الأسواق الشعبية، يزدحم الباعة والمتسوقون بحثًا عن المستلزمات الرمضانية، فيما يحرص البعض على اقتناء حلويات تقليدية كـ”المقروط” و”البقلاوة”، التي تحضرها العائلات وفق وصفات توارثتها أجيال متعاقبة. أما بعد الإفطار، فتمتلئ المساجد، خاصة الجامع الكبير وجامع كتشاوة، بالمصلين الذين يقصدونها لأداء التراويح في أجواء روحانية مميزة.
▫️قسنطينة.. رمضان فوق الجسور المعلقة
على الضفة الأخرى، تعيش قسنطينة رمضانها بين الجسور المعلقة والبيوت العتيقة التي تحكي قصص الأندلسيين والأتراك والعرب الذين تعاقبوا على المدينة. عند أذان المغرب، تتعالى أصوات المدافع التقليدية من أعالي جبل الوحش، معلنة لحظة الإفطار، فيما تفوح رائحة “الشوربة الفريك” و”البوراك القسنطيني” من كل بيت، في مشهد يعكس تمسك أهل المدينة بموروثهم العريق.
تظل مقاهي المدينة القديمة، خاصة تلك المنتشرة في حي السويقة وسيدي جليس، نابضة بالحياة حتى ساعات السحور، حيث يجتمع كبار السن والشباب حول فناجين القهوة الممزوجة بحكايات الزمن الجميل. أما المساجد، وأشهرها جامع الأمير عبد القادر، فتتحول إلى قبلة روحية تعج بالمصلين، في مشهد يجعل من ليالي رمضان في قسنطينة تجربة لا تنسى.
▫️تقاليد متوارثة وهوية راسخة
رغم مرور الزمن، تظل القصبة وقسنطينة عنوانا للهوية الرمضانية الجزائرية، حيث يحافظ السكان على طقوسهم الأصيلة، من إعداد موائد الرحمة إلى تنظيم السهرات الثقافية التي تعيد إحياء التراث الأندلسي والصوفي. وبينما تمضي الأيام، تبقى روح رمضان في المدينتين شاهدة على تاريخ لا يزال ينبض بالحياة، داخل أزقة تحمل ذاكرة الأجداد وتروي للأجيال القادمة قصة رمضان في المدن العريقة.