حوس بلادك !

سحر سكيكدة.. مرورا من جبال العالية وصولا إلى رأس الحديد

82

 

قيل عنها حسناء شرقية جزائرية، بمقومات ربانية فريدة، تسحر العيون وتستهوي قلوب زائريها، كتبت في محاسنها الكثير من قصائد المدح والثناء  فهي سكيكدة جميلة قلبا وقالبا، عاصمة البحر والفراولة، أو روسيكاد كما سماها الرومان القدامى، مدينة عريقة ضاربة في التاريخ حضارة وثقافة، إستطاعت أن تصبح واحدة من المدن السياحية لما تزخر به من إمكانيات طبيعية جعلتها وجهة من الوجهات المميزة بالجزائر.

تقع ولاية سكيكدة شرق الشريط الساحلي الجزائري على امتداد 140 كلم، تمتلك أطول شريط ساحلي بالجزائر، تمتاز بجمال شواطئها وروعة جبالها وتضاريسها، تتعدد بها الوجهات السياحية و جميعها آيات من الجمال وسحر الطبيعة. و منها رأس الحديد الذي يعتبر كنز من كنوز  سكيكدة

 

تبدأ الرحلة إلى رأس الحديد من جبال فلفلة العالية، التي بإستطاعتها أن ترسم ملامح الساحل الشرقي للمدينة، ڨرباز، صنهاجة، المرسى ورأس الحديد. فجبال فلفلة شاهدة على أكثر السواحل الشرقية الجزائرية جمالا وخطورة، فالساحل السكيكدي مصنف من ضمن السواحل المفتوحة التي تكثر بها العواصف البحرية، وخير دليل على ذلك ٱخر السفن الغارقة بشاطئ ڨرباز، السفينة المالطية لنقل البضائع الشهيرة بصوفيا، العالقة برمال الشاطئ منذ سنة 2008 ليومنا هذا، وبدل أن تكون عائقا أمام الوافدين على الشاطئ، حدث العكس وباتت معلما سياحيا يستقطب السياح من كل مكان، فصوفيا كسرت العزلة عن أحد الشواطئ العذراء الساحرة بعد أن هجر لسنوات طويلة بسبب العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر. وبهذا أصبح الشاطئ قطبا هاما بالولاية يستقطب السياح من كل صوب خاصة محبي المغامرات، التي استقطبتهم الشائعات والخرافات المنتشرة حول السفينة الجانحة والتي حول اسمها إلى سفينة الاشباح، فجاءوها قصد كشف الحقيقة مقتحمين المجهول ليتبين أن الأصوات الصادرة من السفينة ليلا ليست سوى صوت الرياح التي تتحرك داخل غرف السفينة. لتدب بعذ ذلك الحركة من جديد بالشاطئ، خاصة وأنه شاطئ رملي على مد البصر، مياهه صافية ورماله ذهبية ناعمة، يحيطه من جهاته الثلاث إخضرار يبعث الراحة في النفوس.

 

من ڨرباز أبحرنا إلى عالم ٱخر يحمل من مقومات الجمال الكثير، إنه الواد الكبير أو صنهاحة، هي ثان محطاتنا للوصول إلى رأس الحديد منطقة مصنفة ضمن المناطق المحمية طبقا للمادة 21 من اتفاقية رامسار، تمتاز بطابعها البيئي الخاص سواء تعلق الأمر بطبيعة غاباتها المحيطة أو بنوعية النباتات الممتدة على جانبيها مما اكسبها تألقا وبهاء. صنهاجة هي ملجأ وعلى طول السنة لمختلف أنواع الطيور المهاجرة والنادرة بالعالم خاصة النحام الوردي.

 

بعد صنهاجة يأتي شاطئ المرسى، شاطئ بديع التكوين يشد انتباهك منذ وهلة وصولك إليه، فالأحجار تراصت على طول الشاطئ بإنتظام، والأمواج تلقي ببريقها على الحجارة كأنها تتنافس فيما بينها لترسم صورة فنية فاتنة ترسخ ببال كل من يزور المنطقة وتستهويه لقضاء أطول وقت ممكن بها.

ويقع المرسى أقصى شرق الولاية، اشتهر بالصيد البحري، الزراعة، وتقديم الخدمات السياحية فهو بذلك قطب ٱخر من أقطاب سكيكدة السياحية.

بعد رحلة طويلة قضيناها في رحاب الجمال وصلنا أخيرا إلى رأس الحديد، أين تتجلى أبهى صور الطبيعة وقوتها.

تقع منطقة رأس الحديد أقصى شرق الولاية وهي تابعة إداريا لبلدية المرسى، منطقة مصنفة ضمن الرؤوس الأكثر امتدادا في عرض البحر، سماها القدامى رأس الحديد نسبة لتربتها التي تحتوي نسبة عالية من معدن الحديد، وهذا ماتلاحظه على تربة جبالها التي تٱكلت بفعل الزمن لترسم تجاعيد عراقة المنطقة.

 

 

وسميت مقبرة السفن للغموض الذي حام حولها قديما، بسبب انتشار الحكايات والقصص حول السفن الغارقة والمخفية أنذاك، لتصبح رأس الحديد الوجهة الأكثر رعبا وشؤما، من ثم جاءت الدراسات والأبحاث الجغرافيا والتاريخية التي تناولت موضوع السواحل الجزائرية وحوادث الغرق والاختفاء، تلتها المسوحات الصادرة عن الهيئات البحرية ليتبين أن المنطقة صخرية وعرة جزء منها يظهر على اليابس مشكلا مختلف التضاريس والجزء الأكبر يمتد داخل البحر أعمق وأبعد لا يرى بالعين المجردة، تسبب في تحطم السفن نتيجة الاصطدام ومن ثم الغرق والاختفاء. وأخيرا حل اللغز وكشفت حقائق الاختفاء التي نسبت لصعوبة تضاريس المنطقة التي جعلت من الملاحة تحديا صعبا.

هذا وتعاقبت العديد من الحضارات على المنطقة بدءا من الفنيفيين الذين استغلوا مرافئ رأس الحديد كمحميات طبيعية لأسطولهم التجاري يقيهم شر عواصف الخليح، وبعد الغزو الروماني الذي امتد منذ القرن 12 إلى غاية القرن الثالث قبل الميلاد حافظ الرومان على هاته المرافئ واستعملوها لنفس الغرض، ومن أشهرها المرفأ المسمى بقلعة الروم الذي مازال متحديا قساوة الطبيعة محافظا على تاريخ حضارة سابقة.

إن الزائر لرأس الحديد، ستظهر له بالطريق الرئيسي صخرة كبير عالية، تلك أعلى نقطة بالمنطقة، لوهلة تبدوا وكأنها تحرس المكان والذي بإمكانه ابصار القلعة، التي تعود إلى تاريخ 1870، والتي شيدت من طرف الفرنسيين لكنها سرعان ماحولت إلى ثكنة عسكرية تستمد منها المنطقة الأمن والأمان. وغير بعيد عنها سيتراءى بياض ناصع، تلك منارة رأس الحديد التي تهيمن على الخليج ويقال أنها بنيت على صخرة من حديد.

 

اشتهرت المنطقة بمناظرها الخلابة وشواطئها الجميلة، أين تمتزج فيها ألوان الطبيعة مشكلة فسيفساء أبدع الخالق تصويرها في أبهى ٱيات الجمال، وتعتبر الشواطئ الصخرية والرملية بها من أجمل وأروع شواطئ المدينة، فهي تستقبل زائريها بحفاوة يرتاح لها البال، هدوء يمتزج مع صوت الطبيعة. فهي واحدة من أهم المناطق الرئيسية لمحبي الصيد والنزهات يقصدها الناس لقضاء أوقات جميلة مليئة بالذكريات.

 

 

 

 

 

 

 

 

رأس الحديد منطقة سياحية بإمتياز تمتلك مؤهلات كبيرة، طبيعة خلابة يقابلها واقع سياحي منعدم يحتاج إلى الكثير من المراجعة من الجهات المسؤولة، واحدة من الحسنوات تجلت فيها أكبر صور  سحر الطبيعة، تنتظر التفاتة من السلطات المعنية.

إيمان بزيان

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Translate »
آخر الأخبار