صوت الأذان في ليالي رمضان.. كيف تتزين المدن الجزائرية بنداء الإيمان؟
يصدح صوت الأذان في ليالي رمضان ليمنح المدن الجزائرية هالة روحانية تميز هذا الشهر الفضيل، حيث تتحول الشوارع والساحات إلى مشاهد إيمانية تتداخل فيها الأضواء مع أجواء الخشوع. يملأ نداء الإيمان الأرجاء، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الطابع الرمضاني الذي يعيشه الجزائريون.
▫️الأذان بين التاريخ وأصالة الأداء
تحمل مآذن الجزائر تاريخا ممتدا، إذ يعود بعضها إلى العهد العثماني، مثل مئذنة جامع كتشاوة بالجزائر العاصمة، التي لا تزال تشهد لحظة رفع الأذان بصوت يوقظ الذاكرة الإسلامية للمدينة. أما في قسنطينة، حيث الجسور المعلقة تربط بين ضفتي المدينة، فيرتفع الأذان من جامع الأمير عبد القادر، الذي يعد من أكبر المساجد في شمال إفريقيا، في مشهد يعكس الروحانية التي تكتسي بها المدينة في هذا الشهر الفضيل.
▫️مآذن الجنوب.. نداء في قلب الصحراء
في غرداية وتمنراست، تتخذ لحظة الأذان طابعا مختلفا، إذ يمتزج نداء المؤذنين مع سكون الصحراء، ليمنح الأجواء رمزية خاصة. في هذه المدن، تتعالى أصوات الأذان من مساجد ذات طراز معماري مميز، مثل المسجد الكبير في غرداية، الذي يمتد عمره لعدة قرون، ويتميز ببساطة بنائه وانسجامه مع البيئة الصحراوية.
▫️عادات الجزائريين مع نداء الأذان
مع حلول المغرب، يتحلق أفراد العائلة حول المائدة استعدادًا للإفطار، حيث يعد صوت الأذان الإشارة المنتظرة لكسر الصيام. في بعض المدن، يرفع الأذان من المساجد الكبرى، بينما تطلق المدفعية التقليدية في بعض المناطق، مثل العاصمة وقسنطينة، لتعلن دخول وقت الإفطار. أما بعد صلاة العشاء، فتصدح المساجد مجددا بنداء التراويح، الذي يجذب المصلين نحو بيوت الله في مشهد يعكس التلاحم الروحي والاجتماعي.
▫️الأذان بين الأداء التقليدي والتقنيات الحديثة
رغم أن الأذان في الجزائر حافظ على طابعه التقليدي، إلا أن التطورات الحديثة أضافت له بعدا جديدا، حيث تبث تسجيلات لأصوات مؤذنين عرفوا بجمال أصواتهم من خلال القنوات الإذاعية والتلفزيونية. كما ساهمت التقنية في إيصال الأذان إلى مساحات أوسع، إذ أصبحت مكبرات الصوت ترفع النداء بصوت نقي يصل إلى أحياء المدينة كافة، ما يعزز الشعور بروحانية رمضان.
▫️روحانية تتجدد مع كل نداء
يبقى صوت الأذان في رمضان أحد أبرز المظاهر التي تمنح هذا الشهر هويته الخاصة، إذ لا يقتصر على كونه نداءً للصلاة، وإنما إعلان عن لحظة التقاء الروح بالزمن، حيث يهدأ الضجيج، ويتفرغ الجميع للتقرب من الله. وبينما تتزين المدن بأنوار المساجد، يتردد صدى الأذان في الأرجاء، ليضفي على ليالي رمضان في الجزائر رونقا إيمانيا لا ينسى.