“ضحكني سردوك البارح” حكاية من التراث القديم
لطالما كانت القصص والمحاجيات تواكب سهرات رمضان في سطح الدار أو في الحوش أو في أي مكان تجتمع فيه الجدات بأحفاذهن بعيدا عن صخب المقاهي الني تضج بالرجال.
والمؤسف أن جل هذه القصص بدأت تندثر رويدا رويدا، فبعد أن كان تراثنا يزخر بالكثير منها، أصبح جيل اليوم لا يتذكر جيل سوى بعضها وبالاسم فقط، ولا أحد يعرف تفاصيلها اوالعبرة منها.
ضحكني سردوك البارح من المحاجيات المتوارثة، وتعود هذه المحاجية الطريفة، لرجل تزوج حديثا من امرأة جميلة وخجولة جدا، لا تجرأ على مد يدها إلى الأكل، وكان من “العوايد” القديمة المتوارثة أن يأكل الرجل وحده، بينما تجتمع النسوة في ما بينهن في المطبخ أو في مكان آخر بعيدا عن رجال البيت، ولسوء حظها، كان لها سبع سليفات يتربصن بها، وحين يجلسن للأكل يقلن بصوت واحد: “شبعنا وشبعت قطتنا وبقات غير كنتنا”، كمحاولة منهن لتنفيرها عن الأكل، فتستحي الكنة وتبيت جائعة. واستمر الوضع على هذا الحال أياماً وأيام، حتى شحب وجهها، ونحلت كثيرا، فلاحظ زوجها ذلك، غير أنها لم تخبره عن سبب علتها، فطلب المشورة من “مدبر” المدينة الذي نصحه بأخذ ديك منزوع الريش إلى البيت وحين دخل الزوج بالديك امتلأ البيت بالضحكات والقهقهات سخرية من شكل هذا الديك الغريب، ماعدا الزوجة التي بقيت صامتة مبهمة فعاد الرجل إلى المدبر فقال له: الليلة ادع زوجتك إلى الأكل معك، وهذا ما فعله الزوج فعلا، فاندهش من منظر زوجته وهي تلتهم طبق الكسكسي بكل شهية، وعندما انتهت راحت تضحك ملئ شدقيها، وحين سألها زوجها قالت له: “ضحكني سردوك البارح”.