حوس بلادك !

عقدة الحب الجزائرية… حلية عالمية شاهدة على وفاء البحارة الجزائرين لحبيباتهم

686

عقدة الحب الجزائرية… حلية عالمية شاهدة على وفاء البحارة الجزائرين لحبيباتهم.
كانت مدينة الجزائر العثمانية الساحلية تعتمد حياتها على الملاحة، وكان كل من يريد أن يكون ناجحا وثريا ويحيا حياة كريمة عليه أن يركب البحر، لأنه كان النشاط الأكثر إدرارا للأموال مع التجارة سواء للبحارة ورياس البحر أو لخزينة الدولة مقارنة ببقية الأعمال، رغم الأخطار التي كانت تحيط بهذا العمل فقد أقبل عليها الشباب، وبما انها تتطلب جهدا ومشقة وتستلزم الخروج للبحر المحاط بكل أنواع الأخطار، فقد كان البحار يخرج وقد لا يعود، فيمكن أن يختطفه الموت في أي لحظة وبأي سبب كان (مرض، حرب بحرية أو هجوم مفاجئ، أو غرق…إلخ) أو قد يؤسر أو يغيب لسنوات وسنوات عن أهله، لهذا تطور في مدينة الجزائر العديد من الممارسات التي تتناسب مع هذا الوضع النفسي والعاطفي العام، الذي فيه خوف من المجهول، ومن هذه الممارسات البوقالة أو لعبة الفأل، وصب الماء خلف المغادر المسافر ليعود، وعقدة الحب، والتي اعتاد رجال البحارة الجزائرين على اعتمادها، للحفاظ على عهودهم مع محبوباتهم وزوجاتهم، حيث يتم عقد ثلاث قطع من الخيط أو الحبل بشكل معقدة بعض الشيء، بل تفننوا فيها بأشكال مختلفة مع الوقت، وكلما كانت معقدة كلما كان هذا الحب الذي مثلته كبيرا، ويحملها الرجل معه في رقبته طوال رحلته وفاءا لزوجته وحبيبته، وعند عودته يهديها إياها رمزا لوفاءه وحبه لها، وهي تمثل العهد بالحب بينهما ما ظل حيا. وقد تطورت صناعتها فيما بعد فأصبحت تصنع من الفضة، حيث يتم صناعة ثلاث خيوط من الفضة تربط وتعقد بشكل دائري وتسطح بطرقها، ولم يكن استخدام الذهب فيها محببا، ويرجع ذلك لأن هذه العقدة كان يرتديها الرجال في رحلاتهم، ومن المحرم أن يرتدي الرجال الذهب في الإسلام، وقد استلهم صاغة الذهب سلسلة كرافاش بولحية الذهبية التي تشبه الحبل أو السوط والمخصصة للنساء من هذه العقدة، كما يرى بعض الباحثين في المجال أن هذه العقدة قديمة في الجزائر. ويعود اعتماد عقدة الحبل للتعبير عن الحب لأقدم من ذلك بكثير في تراثنا، فالبحارة استلهموا اعتمادها للتعبير عن الحب من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر عائشة رضي الله عنها أحب زوجاته إلى قلبه بمقدار حبه لها، فيقول عليه أفضل صلاة وأتم تسليم: “حبك يا عائشة فى قلبى كالعروة الوثقى”، أي ( ‎ﻛﻌﻘﺪﺓ ﺍﻟﺤﺒﻞ)، ﻓﻜﺎﻧﺖ أم المؤمنين ﻋﺎﺋﺸﺔ‎ رضي الله عنها ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻨبى صلى الله عليه وسلم مدة ثم ﺗﺴﺄﻟﻪ: ﻛﻴﻒ حال‎ ﺍﻟﻌﻘﺪﺓ يا رسول الله؟، ﻓﻴﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ‎ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: “هى ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ”، كما ارتبطت العقدة بتصور الجزائريين والمسلمين حول الزواج كميثاق أو عقد غليظ، وتفاؤلا بدوام عقد الزواج واستمراره حتى الوفاة، وهي مكونة من ثلاث حلقات أو ثلاث سلاسل يتم ظفرها لكل منها دلالة، الأولى لحب الله عز وجل، والثانية لحب الرسول صلى الله عليه وسلم، والثالثة حب وطاعة الزوج ما أطاع الله ورسوله، فالزواج هو نصف الدين يسعى الكل لاستقراره واستمراره، ولهذا كان يتم إهداء خواتم مصممة بشكل عقد للعروس في خطبتها، تليها السلاسل المعقودة، ولكن منذ الثمانينات استغنى الناس عن العقدة، واستبدلوها بأشكال أخرى مرصعة بأحجار على الطراز الغربي، رغم أن هذه العقدة اليوم من أشهر أنواع الحلي في العالم، وتعتمد كرمز للحب الأبدي، بل وتباع في أشهر محلات المجوهرات في العالم في أكبر عواصم العالم، ومنها سلسلة محلات “Sophie Harley London” ، ومقره الرئيسي في لندن وله فروع في مختلف عواصم العالم الكبرى، وهو المحل الذي يصنع المجوهرات لكل أفلام جايمس بوند تقريبا، ولهذا ظهرت هذه العقدة، في مشاهد من أفلام جايمس بوند “Casino Royale” و “Quantum Of Solace” وارتدها الممثلة، “Eva Green” كرمز للحظ الجميل والحب الأبدي والصحة، والسعادة، بد أن أهدت لها من قبل عميل مخابراتي جزائري حسب السيناريو، ونؤكد هنا توظيف هذه القلادة تم بطريقة مسيئة لصورة الجزائري والجزائر في الفيلم، حيث أقحمت كرمز للتعبير عن فكرة ضمنية وهي علاقة الجزائر بالإرهاب في العالم، وهذا المنهج هو أساس الصناعة السينمائية الأمريكية والغربية، التي تعمل على تشويه صورة الدول والشعوب بأساليب خبيثة وذكية في نفس الوقت، لتسهيل استهدافها عسكريا واقتصاديا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Translate »
آخر الأخبار