قوة الثقة !!… آخر ما كتب الأستاد زغدود مروش لتحواس براس
هناك شيء جوهري في كل فرد ، في كل أسرة ، في كل فريق ، في كل دولة ، في كل حضارة وفي كل علاقة ، شيء واحد وجوهري …متى وُجد كان التفاهم والتناغم ومتى غاب حلّ الاضطراب والخراب ؛ فُقدت القوة وتفككت العلاقات ، تفككت الأُسر وضعفت الاقتصاديات وتسلل إلى داخلك الوهن ؟!
هذا الشيء : هو الحب !!!…
وهل سمعت أو قرأت، عشت أو عايشت علاقة أسرية ، أو مهنية ، أو دولية ، أو إنسانية ، أو…كُتب لها النجاح في غياب الحب ؟…
ومما هو معروف بالبداهة أن الحب لا ولن تُكتب له الحياة في علاقة الفر وذاته ، أو علاقته وأسرته ، أو علاقته ودولته ، أو علاقته وبني جنسه ، أو علاقته و…متى افتقد و افتقر لعنصر الثقة ؟!
“وما أن دخل الشك من الباب إلا وخرج الحب من النافذة”.
ومن هنا يتضح لنا أن العلاقة بين الحب والثقة هي علاقة: سببية.
وهذا ما أكدته الشرائع السموية الصحيحة وقالت به العقول السامية الصريحة : ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
وكلما زاد الحب أكثر زاد الإيمان أكثر، وكلما زاد الإيمان زادت الثقة والعكس بالعكس.
والرسول صلى الله عليه وسلم آمن به من آمن لثقتهم فيه -التي لا تتحول ولا تتبدل- كونه الصادق الأمين .
وحتى الذين كفروا به كفروا وهم واثقون أنه لا يقول إلا حقا وصدقا !!..
وفي الواقع المعيش ، ولو نظرنا – على سبيل المثال لا الحصر- إلى حال العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، نجدها تزداد ضعفا وفتورا كلما بهت بريق الثقة وتزداد قوة وحضورا كلما تأجج بريقها !..
فكم من حاكم كانت نهاته على يد رعيته بل قل إن شئت على يد أقرب مقربيه لما فقدوا فيه الثقة ، وكم من حاكم كانت نجاته وخلاصه على يد معارضيه قبل مواليه لما آمنوا به فزادهم هذا الإيمان ثقة على ثقة !!
ولك في “شافيز” رئيس دولة فنزويلا أنصع مثال ؟
حاولت الأمبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية إزاحته من الحكم عن طريق انقلاب عسكري ، لكن الشعب أبى ، وخرج عن بكرة أبيه منددا ومطالبا بعودة القائد…
وعاد “شافيز” إلى الرئاسة عزيزا مكرم مدعما من قبل شعبه الذي حبه فوثق فيه.
وبالأمس القريب وبإيعاز دوما من الأمبريالية ، حاولت الطغمة العسكرية في تركيا الانقلاب عن الرئيس المنتخب ديمقراطيا ، فمكان من الشعب إلا التصدي وبصدور عارية للدبابات العسكرية رافضا جملة وتفصيلا فكرة الانقلاب مطالبا بعودة الزعيم !!!
متى يكون مثل هذا السلوك بين الراعي والرعية ؟
وبشكل جلي بين الحاكم والمحكوم؟
عندما يتوفر عنصر الثقة.
وفي الكثير من البلدان ، مازالت السلطة عاجزة على إقناع شعبها بأن هناك وباء مستحدث يُسمى “كورونا”!
لماذا هي عاجزة حتى الآن في إقناع شعبها بوجود وخطورة هذا الوباء ؟
بكل بساطة ، لأن الشعب وفي الكثير من الحالات وقف على مدى كذب وبهتان السلطة ، فصار كل ما يأتيه من قبلها فهو مردود ولو كان قرآنا !!…
وهذا ما جعل العلامة
” عبد الحميد بن باديس ” يقول قولته الشهيرة :
” لو طلبت مني فرنسا أن أقول ” لا إله إلا الله ” ما قلتها”.
وهو نوع من إعلان القطيعة المطلقة نتيجة انهيار جسور الثقة بين المصلحين والمفسدين .
وبالمحصلة : قوة الثقة هي المسؤولة عن نوع العلاقة بين الفرد وذاته أو الرجل وزوجته أو المواطن و دولته أو… ، وكلما زادت هذه الثقة قوة زادت هذه العلاقة متانة ، وكلما مس هذه الثقة الفتور كلما تدهورت وتعقدت الأمور.
أ.زغدود مروش