مسجد الباي محمد الكبير إرث حضاري بطراز موريسكي
تزخر مدينة وهران بالعديد من المساجد العتيقة التي تم تشييدها عبر فترات متلاحقة منذ الفتح الإسلامي، ساهمت في نشر أنوار الهداية والإشعاع الفكري. كما ارتبط بعضها بأحداث تاريخية هامة عرفتها المدينة.
وقد تعرضت هذه المساجد التاريخية خلال الاحتلال الإسباني والفرنسي الذي دام أزيد من أربعة قرون، لأعمال التخريب والإغلاق وطمس بعض معالمها المعمارية، واستغلال البعض كمخازن للأسلحة ولمآرب أخرى، كما تم الاستيلاء على أوقافها.
رغم الاعتداءات التي طالت هذه المنشآت الدينية والتعليمية لايزال بعض هذه الجوامع الأثرية يواصل أداء وظائفه الدينية، «الباي محمد الكبير» الذي يقع وسط مدينة وهران الذي تم بناءه في سنة 1793 م ، و قد صنف كمعلم تراث وطني في 24 ديسمبر 1903م .
يعود تاريخ بناء هذا الصرح الديني المتربع على مساحة حوالي 400 متر مربع إلى العهد العثماني إذ شيده الباي محمد الكبير بعد تحريره لمدينة وهران من الاحتلال الإسباني في 1792 م ، حسب مصادر تاريخية .
لقد بُني هذا المسجد في سهل خنق النِّطاح إلى الشَّرق من مدينة وهران القديمة على حوالي كيلومتر ونصف تقريباً، ولا يبعد كثيراً عن المنحدر الذي يُشرف على البحر والميناء البحري شمالاً، وقد بُني على أرضٍ سهليةٍ منبسطةٍ واسعة، خاليةٍ من العمران بعيدة كلَّ البُعد عن المدينة القديمة وهران بمسافة طويلة، وهوحالياً بموازاة شارع جبهة البحر الواجهة البحرية في شارع طرابلس قرب سوق ميشلي المخصَّصِ للخضر والفواكه، وتفصل بينه وبينها عمارات حديثة وشاهقة استحدثها الفرنسيون مؤخَّراً. لقد بنيَ هذا المسجد على شكلٍ مستطيلٍ، نصفه الشرقي قاعة متوسّطة الحجم وشبه مربَّعة، ونصفه الغربي تتوسَّطه ساحة صغيرة بها نخلة وبعض الحشائش، وهي محاطة بسياج من الآجر ونافورة من المياه. و في الزَّاوية الشرقية للقاعة توجد منارة متوسّطة العلوِّ ومربّعة الشّكل، ووراءها إلى الغرب بيت صغير اقتطع من القاعة الرئيسية يتَّخذه الإمام حاليا مقراً له ولإعداد خطبه ودروسه، وإلى يسار المنارة وبيت الإمام يوجد بيت متوسِّط الحجم في مقدمة المسجد شرقاً به حالياً آثاثٌ قديمٌ ويُعتَقدُ أنَّه كان مثوى وقبر للباي محمد الكبير مؤسّس المسجد، وفي مؤخِّرته توجد أماكن للوضوء يبدو أنّها حديثة ولم تكن سابقاً وهي موجودة في ناحيته الغربية.
شميساء حامد