مهرجان “السبيبة” بجانت استعراض لثقافة الرجل الأزرق
يحتفل سكان منطقة جانت الواقعة بأقصى جنوب شرق الجزائر منذ خمسة ألاف عام بعيد السبيبة الذي يرمز للسلام والتسامح والتواصل، وهو أكبر الأعياد عند شعب الطوارق ويرتبط بأحداث تاريخية تعود لمئات السنين، يصادف الاحتفال بهذا العيد بداية شهر محرم بالتقويم الهجري من كل عام ويختتم بمهرجان كبير يوم عاشوراء، حيث يشارك جميع السكان من الجنسين ومن مختلف الأعمار في أفراح تحييها فرق فنية على مدى عشرة أيام ويواكب الحدث برنامج استعراضي متنوع ومثير وتغني النساء اللائي يظهرن بأجمل ما لديهن من لباس وحلي، أهازيج توارثنها جيلا بعد جيل، ويرقص على إيقاعها الرجال الملثمون وهم يرتدون اللباس الحربي ويحملون سيوفهم ويستعرضون قدراتهم القتالية في حركات بهلوانية بمضمون يستهجن الاقتتال.
أصل السبيبة تقول الرواية المتداولة أن الاحتفال يتصل بنهاية حرب طاحنة بين قبيلتي أورارم و تارأورفيت وهما أكبر قبائل الطوارق الذين يعمرون تلك المنطقة منذ آلاف السنين وعقد صلح تاريخي بينهما، وجاء قرار وقف الحرب مباشرة بعد وصول أخبار سارة للمنطقة عن نجاة نبي الله موسى عليه السلام من الغرق وانتصاره على فرعون مصر، فجمع الفرح العارم بالخبر السعيد سكان القبيلتين المتناحرتين وما جاورهما فاكتشفوا أن الذي يجمعهم أقوى مما فرقهم عقودا، ما دفع العقلاء منهم للدعوة إلى وقف المواجهات بصفة كاملة وإحلال السلام والوئام وتكريس ذلك بإقامة أفراح مشتركة على مدى عشرة أيام يجمع فيها الشمل وتنحر خلالها الإبل وتقام الولائم، كما توفر مهرجانات السبيبة فرصة سنوية للتعارف باعتبارها أكبر التجمعات التي يلتقي فيها الطوارق على الإطلاق.
ففضلا عن سكان منطقة جانت يحضر شباب من بني جلدتهم من مناطق أخرى مثل ولاية تمنراست الواقعة غربا ومن ليبيا ومالي والنيجر، فهم برغم وجودهم في دول مختلفة يشعرون بأنهم شعب واحد ويتحدثون لغة واحدة وينتسبون إلى عرق واحد وتاريخ واحد.
أميرة بوحجار