هل يمكن الإعتماد على السياحة الدينية اقتصاديا في الجزائر ؟
يتعلق مفهوم السياحة الدينية المعاصر بنوع من السفر و زيارة مختلف الأماكن و المعالم الدينية الأثرية و الحديثة ، و قد اهتمت بها دول في العالم أمثال مصر وسوريا وعدة مراكز روحية كالعراق منذ زمن طويل، وبدأ هذا المفهوم أو المصطلح يتبلور في الجزائر مؤخرا في إطار البحث عن بدائل النفط من خلال تفعيل السياحة الدينية، حيث دعا مختصون إلى استغلال هذه الطاقات التي تزخر بها الجزائر، خاصة الطرق الصوفية التي من شأنها أن تجمع المريدين والأتباع من جميع بقاع العالم، خاصة إفريقيا ودول جنوب شرق آسيا.. ويرى هؤلاء أن الجزائر تنام على منجم ذهب غير مستغل بين الجامع الأعظم، العمارة الإسلامية، الطرق الصوفية و الكنائس .
إذ يعتبر هذا النوع من السياحة موردا ثقيلا بالعملة وأداة دبلوماسية لفتح معاهد روحية تابعة للطرق الصوفية تستقطب الكثيرين لتكوين سفراء يعرفون بكل ماهو روحي و ديني بهذا الوطن .
لذلك يجب وضع خطة محكمة و مفصلة للتعريف بحضارتنا باعتبار أن الجزائر تزخر بعدد لا بأس به من ناحية العمران الإسلامي الذي يعتبر الركيزة الأساسية في تنشيط السياحة الدينية إضافة إلى سياقات السياحة الأخرى ، فقد صارت الهبرية كمثال على الطرق الصوفية التي يتبعها ما يربو عن خمسة ملايين مريد من “أرقى الطرق الصوفية في الجزائر وأكثرها خدمة للشريعة”. وأشار الباحثون في الطرق الصوفية إلى أن تأثير هذه الزاوية قد شاع في كامل أرجاء التراب الوطني وانتشر صداها إلى أن وصل إلى البقاع المقدسة وبلدان عديدة كمصر والأردن وفرنسا والمغرب وغيرها من مناطق العالم، ومن أبرز المريدين الذين أخذوا واندرجوا في سلك هذه الطريقة الشيخ محمد متولي الشعراوي”.
يمكن للطريقة القادرية أيضا في أقصى الجنوب والتي لها امتداد في دول الساحل الخمس استقطاب باحثين من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهم مهتمون بالتراث الذي لا نكترث له للأسف الشديد .
كما تمتلك الجزائر ضريح الشخصية الثالثة الروحية في العالم، وهو سيدي بومدين العباد في تلمسان، عالم ومجاهد، حارب في فلسطين، وهو من بجاية وأصله من الأندلس، هو ثالث شخصية روحية مؤثرة في العالم.
أما المساجد العتيقة وجوهرة المسجد الأعظم
تزخر الجزائر بمساجد عتيقة، ارتبط بناؤها بحلقات هامة من تاريخ الجزائر، وتعد قبلة للزوار والباحثين والسياح، نذكر منها مسجد الباي محمد عثمان الكبير بوهران الذي بناه مباشرة بعد استعادة مدينة وهران من الإسبان عام 1207 هجري، مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، وهو ثاني أكبر مسجد في الجزائر يتسع لـ15 ألف مصل، جامع السفير وهو من أقدم المساجد في القصبة، جاءت تسميته من اسم سفر بن عبد الله أكبر قائد الطائفة البحرية العثمانية بالجزائر في فترة حكم الإخوة برباروس.
مسجد كتشاوة بالعاصمة الغني عن التعريف، من أشهر المساجد التاريخية، بني في العهد العثماني من قبل حسن باشا سنة 1794 للميلاد، لكنه حول إلى كنيسة في عهد الإستعمار الذي أحرق كل المصاحف في الساحة المحاذية له ساحة الشهداء حاليا. وهو اليوم إحدى جواهر الآثار الإسلامية في الجزائر وقطبا سياحيا يقصده المئات من الباحثين والزوار من أوروبا والعالم.
أما الصرح الأكبر في الجزائر فهو الجامع الأعظم بمدينة المحمدية قبالة الساحل، أكبر مسجد في الجزائر وشمال إفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين الشريفين و يضم 12 بناية منفصلة في موقع يمتد على 20 هكتارا، يمكن أن تصل طاقة استيعابه إلى 120 ألف مصل، ومن معالمه المئذنة بارتفاع 265 متر، وقبة طول قاعدتها 50 مترا وارتفاعها 70 مترا، ويضم أيضا مركز أبحاث إسلامية وتاريخية، ومن المنتظر أن يحتل الجامع الأعظم مكانة عالمية وسيكون مزارا سياحيا دينيا مستقبلا.